أسرة مارمينا للمعاهد بسوهاج

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اسرة مارمينا للمعاهد بسوهاج


2 مشترك

    ايليا النبى

    بنت الفادى المخلص
    بنت الفادى المخلص


    انثى
    عدد الرسائل : 908
    العمر : 34
    نقاط : 1348
    تاريخ التسجيل : 03/08/2009

    ايليا النبى Empty ايليا النبى

    مُساهمة  بنت الفادى المخلص الثلاثاء أكتوبر 13, 2009 3:10 am


    إيليا النبي
    النبي العظيم فى أيام أخآب الملك ، وقد وُصف عند بدء ظهوره بأنه إيليا
    التشبي من مستوطنى جلعاد ( 1مل 17 : 1 ) ، فلابد أن موطنه كان يدعى تشبه
    فى تخوم نفتالي ، ولكن يرى أغلب المفسرين فى العصر الحاضر أنه إذا أخذنا
    بالترجمة السبعينية للعدد الأول من الأصحاح السابع عشر من سفر الملوك
    الأول ، نجد أن كلمة مستوطن هى نفسها تشبه وبذلك يتحدد موقعها فى جلعاد ،
    ويكون النبي من مواطني تلك المنطقة الجبلية وليس مجرد مستوطن فيها .
    أولاً- أعمال إيليا : نقرأ فى سفر الملوك الأول ( 16 : 29-34 ) عن شرور
    أخآب التى انتهت به الى عبادة بعل إله الصيدونيين معبود الملكة إيزابل ،
    وقد جاء فى هذا الفصل ذكر حادثة أخرى ( العدد 34 ) حدثت فى عصر أخآب تدل
    على مدى الاستهانة بإنذارات نبوية قديمة ، بإعادة بناء إريحا بواسطة حيئيل
    البيتئيلي ففقد ابنيه الأكبر والأصغر . هذه هى الحال التى استلزمت قضاء
    الله ، الذى سبق التنبؤ عنه ، فأرسل الله نبيه الأمين لإعلان هذا القضاء .

    1. العقاب بالقحط : لا تذكر لنا القصة التى تبدأ فى الأصحاح السابع عشرمن
    سفر الملوك الأول ، هل كان إيليا شخصية معروفة فى بلاط الملك أخآب من قبل
    أم لا ، ولكن لباسه وهيئته كانا ينمان عنه كنبي ( 2مل 1 : 8 ، زك 13 : 4 )
    . يعلن إيليا لأخـآب فى كلمات قليلة أن الرب هو الإله الحقيقي الوحيد
    لإسرائيل وأنه مرسل منه ، وأن الرب سيرسل عليهم القحط الذى سيستمر الى أن
    يقرر النبي نهايته . وفى الحقيقة إن المدة لم يحددها إيليـا بل الله نفسه
    ، ولن تكون قصيرة هـذه السنين ( 1مل 17 : 1 ) ولن تنتهى إلا متى أصبح
    القصاص رادعاً. وفى طاعة كاملة لأمر الله ، كسائر الأنبياء الأمناء، خبأ
    إيليا نفسه فى أحد الوديان فى شرفي الأردن حيث يوجد نهر كريث ليمده بالماء
    ، والغربان تعوله بخبز ولحم مرتين فى اليوم ( 1مل 7 : 2-6 ) ، وإذ استمر
    الجفاف ، يبس النهر ، فأمره الله أن يذهب إلى ما وراء تخوم مملكة أخآب
    الغربية إلى قرية صرفة التى لصيدون ، وهناك كانت الأرملة التى أرسله الله
    إليها ، تجمع بعض عيدان الحطب عند باب المدينة ، لتعد آخر وجبة غذائية لها
    ولابنها . وأطاعت الأرملة أمر النبي بأن تعمل له كعكة صغيرة أولاًمن هذا
    المخزون الضئيل الذى بقى لها ، وكانت النتيجة أنها تمتعت بإتمام الوعد
    الذى أعطاها إياه إيليا باسم الرب ، بأن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت
    لا ينقص إلى أن يأتى الرب بالمطر ( ويقول يوسيفوس نقلا عن ميناندر إن
    القحط امتد إلى فينيقية واستمر بها مدة عام كامل ) . ولما مرض ابن الأرملة
    ومات ، ظنت أن ذلك هو قضاء الله على خطاياها، جاء عليها بسبب وجود نبي
    الله ، ولكن إيليا أخذه منها وصعد به إلى العلية التى كان مقيما بها
    وأضجعه على سريره ، وصرخ إلى الرب … فعادت الحياة إلى الولد ( 1مل 17 :
    17-24 ) .
    وفى السنة الثالثة ( 1مل 18 : 1 ونجد فى لو 4 : 25 ، يع 5 : 17 أن مدة
    القحط كانت ثلاث سنين وستة أشهر ) أمر الله إيليا أن يتراءي لأخآب ليبشره
    بأن الرب سيعطى مطراًعلى وجه الأرض . ويبدو مدى معاناة الإنسان والحيوان
    من جراء الجفاف ، وكذلك قسوة المجاعة ، فى تلك الحقيقة ، ألا وهى خروج
    الملك ووكيله للبحث عن رقعة من عشب أخضر يمكن أن يصلح للإبقاء على خيل
    الملك وبغاله حية ( 1مل 18 : 5و 6 ) . والكلمات التى نطق بها عوبديا تبين
    الانطباع الذى خلفته غيبة النبى الطويلة ، فقد كانوا يعتقدون أن روح الله
    قد حمل إيليا إلى مكان غير معروف لا يمكن الوصول إليه ( 1مل 18 : 10و 12 )
    ، وخشى عوبديا أن يتكرر هذا الأمر ، وأخذ يتوسل إلى النبي طالباًإعفاءه من
    حمل هذه الرسالة إلى أخآب ، مستنداًعلى تقواه المعروفة وغيرته التى بدت فى
    تخبئة وإعالة مئة من أنبياء الرب ، فى إبان اضطهاد إيزابل ، فطمـأن إيليا
    عوبديا بأنه يتقابل حتماًمع أخآب ( عدد 15 ) ، وواجه الملك إيليا النبي
    بكلمات الغطرسة : أأنت هو مكدر اسرائيل ، ولكن إيليا قابل سخريته بمثلها،
    فويلات إسرائيل لا تعود إلى النبي الذى أعلن القضاء ، بل إلى الملك الذى
    جعل الشعب يخطئ مما استجلب عليه العقاب (17و 18 ).
    2. المحاكمة بالصلاة : تقدم إيليا ليتحدى اختيار قوة الآلهة الكاذبة ،
    وكان بين من يأكلون على مائدة إيزابل ، 450 نبياًللبعل ، و 400 نبي
    لعشتاروت ، بالرغم من المجاعة القاسيـة . وبناء على اقتـراح إيليا ، دعا
    أخآب كل هـؤلاء مع كل الشعب إلى جبل الكرمل ( 19و 20 ) .
    كانت كلمات إيليا الافتتاحية ، تكشف عن حماقة من يظنون أن الولاء يمكن أن
    ينقسم بين إلهين : إلى متى تعرجون بين الفرقتين ( ويحتمل أنها تعنى القفز
    بين عتبتين - فى إشارة تهكمية لعادة القفز فوق عتبة هيكل الوثن
    تجنباًلعثرة غير لائقة 1صم 5 : 1-5 ) واعتماداًعلى صمت الشعب واعتباره
    علامة على قبوله لكلماته الأولى ، قدم إيليا اقتراحه وشروطه للامتحان .
    سيذبح ثور للبعل وثور للرب ، بشرط عدم وضع نار والإله الذى يجيب بنار فهو
    الله ، فأجاب جميع الشعب وقالوا الكلام حسن ( 22-24 ) . وظل أنبياء البعل
    - تحت أشعة شمس ملتهبة - يدعون إلههم فى شبه جنون ، وإيليا يسخر منهم
    ويتهكم عليهم ( 25-29 ). وفى ميعاد تقديم ذبيحة المساء فى هيكل الرب فى
    أورشليم ، أعاد إيليا بناء المذبح القديم الذى لعله هدم فى أثناء موجة
    الاضطهاد التى أثارتها إيزابل ، واستخدم فى بنائه اثنى عشر
    حجراًرمزاًلأسباط إسرائيل جميعها فى وحدة واحدة ، ثم غمر الذبيحة والحطب
    بالماء من نبع ماء تحت منحدرات الكرمل ، حتى امتلأت قناة عميقة متسعة حول
    المذبح ، كانت تسع كيلتين من البزر ، وبكلمات قليلة دعا الله ، إله الآباء
    ( 30-37 ) فاستجاب الرب بنار أكلت الثور والحطب والتراب ، ولحست المياه
    التى فى القناة حتى ارتجف جميع الشعب فزعاً، وإذ اقتنعوا بأن الرب وحده هو
    إلههـم ، نفذوا حكم النبي الجازم بالقضاء على كل أنبيـاء البعل (38-40) ثم
    طلب إيليا من أخـآب أن يسـرع إلى بيته ليأكل الوليمة احتفاء بسقوط المطر .
    وصعـد إيليا الى قمة الجبل وخر الى الأرض ساجداًللرب فى صلاة . وأرسل
    خادمه سبع مرات ليستطلع الجو عبر البحر ، وأخيراًرأى غيمة صغيرة قدر كف
    إنسان صاعدة من البحر ، وقبـل أن يعبر الملك وادى يزرعيل ، هطل المطر
    العظيم من السماء التى تلبدت بالغيوم الداكنة بعد ثلاثة سنوات من الجفاف .
    وكانت يـد الرب على إيليـا فشـد حقويـه وركض - بقـوة خارقـة - حتى أبواب
    يزرعيل (41-46) .
    3. فى حوريب : فى تلك الليلة جاء رسول من إيزابل إلى إيليا يحمل له رسالة
    : أنت إيليا وأنا إيزابل ( كما ورد فى الترجمة السبعينية ) هكذا تفعل
    الآلهة وهكذا تزيد ( أى لتقطعنى الآلهة إرباًإرباًإذا أخلفت وعدى - تك 15
    : 8-11 و 17 و 18 ، إرميا 34 : 18 و 19 ) إن لم اجعل نفسك كنفس واحد منهم
    ( أى من أنبياء البعل المذبوحين ) فى نحو هذا الوقت غداً. ولنفسر تصرف
    إيليا كما نشاء - فكل الاحتمالات الممكنة لها مدافعون - فقد هرب
    فوراًطلباًللنجاة . وفى بئر سبع فى الطرف الجنوبي ليهوذا، ترك غلامه -
    الذى لا تذكره القصة فى أى مكان آخر - وسار فى البرية الجنوبية وجلس تحت
    رتمة وصلي طالباًالموت لنفسه ( 19 : 1-4 ) . وجاءه ملاك بوجبة وأيقظه
    ليأكل ، فأكل وشرب ثم رجع فاضطجع ، فجاءه الملاك مرة ثانية وأيقظه وقال له
    قم وكل لأن المسافة كثيرة عليك ، فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة
    أربعين نهاراًوأربعين ليلة إلى جبل الله حوريب ودخل هناك المغارة وبات
    فيها ( 5-8 ) .
    وتكرار عبارة : قد غرت غيرة للرب إله الجنود لأن بنى إسرائيل قد تركوا
    عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك فبقيت أنا وحدى وهم يطلبون نفسي
    ليأخذوها فى عددى 10 و 14 ، يشكل صعوبة ، إلا إذا كنا نرى فيها دليلاًعلى
    أن كآبة إيليا كان من الصعب التغلب عليها ، أو أنه طلب فى حوريب
    ظهوراًخاصا للرب لتشجيعه ، أو كلا الأمرين . وأمره الرب أن يقف على الجبل
    المقدس ( لأنه هناك أظهر الرب ذاته لموسي ) ، وإذا بالرب عابر معلناًقدومه
    بالريح العظيمة والزلزلة والعاصفة الرعدية ( 9-12 ) ، ولم تكن هذه إلا
    مجرد نذر ، فلم يكن الرب فيها ، لكنه كان فى الصوت المنخفض الحفيف وهو ما
    اعتاد الأنبياء سماعه فى قرارة نفوسهم ، ولما سمع إيليا هذا الصوت الداخلي
    المألوف ، تيقن من وجود الله ليسمعه ويجيبه . حاول إيليا أن يبرر هروبه
    إلى البرية ، بأنه قد غار غيرة شديدة للرب ، وفعل من أجل الرب - قبل أن
    يهرب - كل ما يستطيع نبي زائل أن يفعله ولكن بلا طائل ، فإن الناس الذين
    أهملوا شريعة الرب وعهده وهدموا مذابحه وقتلوا أنبيـاءه ، كانوا على
    استعداد أن يذبحوا إيليا نفسه بأمر من إيزابل ، وبذلك يقضون على الخادم
    الأمين الوحيد للرب فى كل أرض إسرائيل ( 13و 14 ) .
    لكن حنان الرب تجاوز شكوى إيليا ، وأعطاه إرشادات لعمل آخر فى خدمة الرب ،
    فكان على إيليا أن يمسح حزائيل ملكاًعلى أرام ، أقـوى عدو بين جيران
    إسرائيل ، وأن يمسح ياهو بن نمشي ليقضى على بيت أخـآب ويتولي عرش إسرائيـل
    ، وأن يمسح أليشع نبياًعوضاًعنه . هؤلاء الثلاثة : حزائيل وجيش أرام ،
    وياهو وأتباعه ، وأليشع نفسه ، سيقضون على عبدة الأوثان والمازحين فى
    إسرائيل ، وقد أبقى الرب لنفسه سبعة آلاف ركبة لم تجث لبعل ( وهذا العدد
    تقريبي محدود ولكنه ليس عدداًصغيراً، وهو يحمل نفس فكرة الأنبياء - الذين
    جاءوا بعده - عن خلاص بقية تقية فى إسرائيل ، فى أمان من الدينونه لأنهم
    لم يشتركوا فى خطية سائر الشعب . وإذا كان ثمة توبيـخ لإيليا ، فقد كان
    ذلك فى المقابلة بين السبعة الآلاف من الأمناء ، والواحد - أى إيليا -
    الذى ظن أنه هو وحده الأمين الوحيد فى إسرائيل ( 15 - 18 ) .
    4. قضية نابوت : يبدو أن مسح حزائيل ملكاًعلى أرام ، وياهو ملكاًعلى
    إسرائيل ، قد تُرك لخليفة إيليا ، وفى الواقع نحن لا نقرأ شيئاًعن مسح
    حزائيل ، ولكننا نقرأ فقط عن المقابلة التى تمت بين أليشع وحزائيل ( 2مل 8
    : 7-15 ).
    ويظهر إيليا بعدئذ موبخاًلأخآب على مقتل نابوت ، فى نفس قطعة الأرض التى
    اشتهاها الملك واغتصبها بعد مقتل صاحبها. ظهر النبي أمام أخآب على غير
    انتظار وعلى غير رغبة من الملك ، ليعلن لأخآب وإيزابل القضاء عليهما
    بالموت المشين ( 1مل 21 ) وكان حاضراًفى ذلك المشهد قائد يدعى ياهو ، وهو
    نفس الشخص الذى اختبر ليكون ملكا على إسرائيل ، ولم ينس قط ما رأى وما سمع
    ( 2مل 9 :25و 26 ) .
    5. إيليا وأخزيا : لقد رفعت توبة أخآب عنه بعض حدود القضاء ، ولكن ابنه
    أخزيا استجلبها على رأسه شخصياً، فقد مرض مرضاًخطيراًنتيجة الجروح التى
    أصابته من سقوطه من الكوة التى فى عليته ، فأرسل أخزيا ليسأل المنجمين فى
    هيكل بعل زبوب إله عقرون إن كان سيبرأ من مرضه . فقابل إيليا الرسل
    وأرجعهم بنبوة بموته ، ليست من بعل زبوب بل من الرب . وأدرك أخزيا من
    أوصاف رسله للرجل الذى قابلهم ، أنه العدو القديم لأسرته ، فأرسل أخزيا
    خمسين جندياًوقائدهم للقبض على إيليا ، فأكلتهم نار من السماء كقول إيليا
    ، فأرسل قائداًآخر ومعه خمسون آخرون ، فلقوا نفس المصير . أما القائد
    الثالث فتوسل للنبي أن يبقي على حياته وحياة الذين معه ، فذهب النبي معه
    إلى الملك ، ولكن ليكرر نفس كلمات القضاء ( 2مل 1 ) .
    6. صعود إيليا : كان ثمة إنذار لإيليا - نما أيضا إلى بني الأنبياء - بأن
    حياته أوشكت على النهاية ، وكان يريدها على أى حال ، وقد أقسم أليشع ألا
    يفارق سيده . وشق إيليا الأردن بضربة من ردائه ، وعبر الاثنان معاًإلى
    الشرق نحو البرية . وطلب أليشع أن يكون له نصيب البكر من روح سيده ، ثم
    ظهرت مركبة نار وخيل من نار وفصلت بينهما و صعد إيليا فى العاصفة إلى
    السماء ( 2مل 2 : 1-11 ) .
    7. الرسالة إلى يهورام : نقرأ فى سفر أخبار الأيام الثانى ( 21 : 12-15 )
    عن كتابة أتت من إيليا الى يهورام بن يهوشافاط ملك يهوذا ، والعبارات
    الواردة فى سفر الملوك الثانى ( 2مل 3 : 11و 12 ) لا تترك مجالاًلأي تفسير
    آخر إلا بأن خلافة أليشع لإيليا فى العمل النبوي المستقل ، قد تمت فعلاًفى
    حياة يهوشـافاط ، وأن ما جاء فى ملوك الثانى ( 8 : 16 ) يشير إلى أن
    يهورام بدأ الحكم قبل وفاة والده يهوشافاط بمدة ، ويحتمل أن إيليا قد ترك
    رسالة - تحولت إلى رسالة مكتوبة قبل رحيله أو بعده - لملك يهوذا القادم ،
    والذى سينحرف عن الإيمان الصحيح .
    ثانياً- خدمة إيليا : إن تقديرنا لأهمية خدمة إيليا يتوقف على مدى إدراكنا
    للأحوال التى واجهها النبي فى إسرائيل ( المملكة الشمالية ) . فبينما كان
    حكم أخآب ناجحاًبحسب الظاهر ، وكان الملك نفسه على درجة من الحنكة
    السياسية مع شجاعة شخصيته ، إلا أنه فى سياسته الدينية تهاون مع العقائد
    الباطلة والعبارات الوثنية ، مما كان لابد أن يـؤدى إلى الكارثة . فمنذ
    أيام يشوع كانت عبادة يهوه فى صراع مع عبادة الكنعانيين القديمة لقوات
    الطبيعة ، عبادة آلهة محليين مثل البعليم أو أرباب هذه أو تلك من الأمم
    المجاورة الذين قامت مذابحهم العتبقة على الجبال الشامخة وعلى التلال وتحت
    كل شجرة خضراء ( تث 12 : 2 ) .
    والإله الذى جاءت به إيزابل من فينيقيـة ، كان يحمل أيضاًاسم بعل ، لكن
    صفاته وأساليب عبادته ، كانت أسـوأ وأخس من كل ما عـرف من قبل ، وأدت
    مقاومة عبيد يهـوه لأوامر الملكة بخصـوص آلهتها المفضلـة ، إلى اضطهـاد
    عبيد الرب الأمناء ( 1مل 18: 4 ) .
    وفى مواجهة هذا الخطر اختفت الخلافات التى كانت بين عبادة الله فى المملكة
    الشمالية ، وعبادة الله كما كانت تجرى فى أورشليم . وكان كل مسعى إيليا ،
    هو دعوة الشعب من عبادة آلهة الصيدونيين إلى عبادة الرب إله آبائهم . ونرى
    قوة القيادة الحقيقية - فى وسط المحنة - فى أمانة شخص مثل عوبديا ( 1مل 18
    : 3 )، أو ولاء البقية التقية - السبعة الآلاف رجل - رغم كل ذلك الاضطهاد
    ( 19 : 18). إن العمل الذى بدأه إيليا ، قد ختمه ياهو بالدم ، حتى إننا لم
    نعد نسمع بعد ذلك عن عبادة البعل فى إسرائيل ( 2 مل 9و 10 ) . وافتراض أن
    إيليا فى حوريب عرف معنى لطـف الله ، ليتعارض تماماًمع القرينة المباشرة
    ومع تاريخ عصره . وقد جاء الأمر إلى إيليا بأن يمسـح ملكاًعلى أرام ، وآخر
    على إسرائيل ، ونبياًليكمل رسالته ، مع الوعد بأن هؤلاء الثلاثة سيتعاونون
    معا فى تنفيذ القضاء الذى تستحقه مملكة إسرائيل العاصية لارتدادها عن
    عبادة الله إلى عبادة الأصنام .
    لم يكن إيليا داعياًللسلام ، فلقد كانت رؤية السـلام محجوبة عن عينيه،
    محفوظة عن عينيه ، محفوظة لأنبياء سيجيئون بعده ، كان عليه هو اعداد
    الطريق . كانت رسالته هى ابادة عبادة الأصنام - بأى ثمن - لئلا بيبد
    إسرائيل ذاته ، مع احتمالات ومضاعفات يصعب تقدير مضارها .
    ولولا ما قـام به إيليا تحت إرشـاد الله ، لما كان هنـاك أسـاس يقف عليـه عاموس وهوشع .
    ثالثاً- شخصية النبي : لم يقصد كاتب سفر الملوك أن يدون لنا دراسة مفصلة
    عن شخصية النبي إيليا ، بل إنه لم يعد المادة اللازمة لمثل هذه الدراسة ،
    وما دونه الكتاب عن شخصية إيليا فى رسالة الرسول يعقوب ( 5 : 17 ) : كان
    إيليا إنسانا تحت الآلام مثلنا ليس إلا عبارة موجزة جداًولكن بفحص الكتب
    التى نشرت عن حياة إيليا ، نرى أنه من الممكن أن مخطئ فى استقراء معان من
    الحوادث ، لم تقصد اليها هذه الأحداث بل ولا تحتملها ، كما أنه من الممكن
    أن نقحم عليها أموراًهى محض خيال . من السهل مثلا أن نري بأن إيليا ظهر
    أمامنا فى الكتاب بغتة ، وأن أحداث ظهوره واختفائه تبدو غير متماسكة ايليا النبى 2anipt1c
    ألا يكفى لتفسير ذلك ، ملاحظة أن المؤرخ لم يقصد أن يضع سيرة كاملة لأى
    نبي أو أى ملك ، ولكنه كان يهدف الى إبراز عمل الله فى مملكتى إسرائيل
    ويهوذا من خلال الأنبياء ايليا النبى 2anipt1c
    لذلك لا نجد سوي بعض الأحداث فيما يختص بنبي مثل إيليا ، بل إننا لا نجد
    شيئا بالمرة يتصل بشخصه إلا إذا كان له صلة مباشرة برسالته . وقد تخيل
    البعض أنه كان ثمة تدريب لإيليا فى اختبارات النبي ، ولكن الاقرار بأنه لم
    يكن هناك بد من تلك التدريبات ، ليس معناه بالضرورة أن نستشفها من الحوادث
    والمشاهد التى تسجلت .
    واستبعاد أى محاولة لتصوير تفاصيل الحياة
    الداخلية لإيليا - للأسباب المذكورة آنفا- لايمنع من محاولة دراسة ما نراه
    فى ظاهر القصة ، من الإيمان بالله بأنه إله الطبيعة وإله العهد مع الآباء
    ونسلهم ، والغيرة الملتهبة ضد العبادة الباطلة التى أزاحت الله عن المكان
    الذى يجب أن يكون له وحده ، والرؤية الواضحة للرياء والبطل ، والحكمة
    العميقة فى مقاومة الارتداد بنفس الشجاعة بدون النظر الى ذاته ، وكل ذلك
    هو ما يبرز سمات النبي الحقيقى فى أى عصر .
    رابعاًمعجزات فى سيرة إيليا : يجب الاعتراف بان العنصـرالمعجزي بارز فى
    اختبارات إيليا وأعماله . ولايمكن تقييم ذلك بالانفصال عن الموقف العام
    الذى يقفه الدارس من المعجزات المدونة فى العهد القديم . فمحاولة تفسير أى
    معجزة أو أى جزء منها بطريقة عقلانية ، أمر غير مجد على الإطلاق ، فغربان
    إيليا ، يمكن بتغيير الغين إلى غين أن تصبح الكلمة عربان ، ولكن مع
    الاعتراف بأن الشرقيين كرماء يمكن أن يأتوا بالطعام للنبي ، إلا أن نغمة
    القصة ككل ، تدل على أن الكاتب قصد الغربان وليس العربان ، وأنه رأى فيها
    مزيداًمن قدرة يهوه على كل شيئ ، كما يظهر ذلك أيضا فى كور الدقيق وكوز
    الزيت ، وكفايتهما للنبي وأرمله صرفة صيدا ، وفى النار من السماء ، وشق
    نهر الأردن ، وصعود إيليا فى العاصفة الى السماء . ويرى بعض النقاد
    المحدثين أن ما جاء فى الأصحاح الأول من سفر الملوك الثانى ، هو اضافة
    متأخرة ، ولكن ليست ثمة مشكلة حقيقية على الاطلاق ، فبإمعان النظر ، تزول
    أى مشكلة ، فالنبي الصارم الذى يأمر بذبح 450 من أنبياء البعل ، يستطيع أن
    يطلب أن تنزل نار من السماء لتلتهم جنود ملك مرتد عن الله . إن الغرض
    والمعنى المقصودين من قصة حياة إيليا ، يمكن أن يدركهما أولئك الذين
    يقبلون فكر الكاتب عن الله وقدرته وعمله فى الطبيعة ومع البشر ، أكثر من
    أولئـك الذين يحاولون استبدال هذا المفهوم بآخر .
    خامساً- إيليا فى العهد الجديد : يذكر سفر ملاخى ( 4 : 5 ) أن إيليا سيأتى
    قبل مجئ يوم الرب العظيـم والمخوف ، وقد وردت الإشـارات إلى هذه النبوة فى
    إنجيل متى ( 6 : 15 ) وما يقابله فى إنجيـل لوقا ( 9 : 8 ) ، وفى إنجيل
    متى ( 16 : 14 ) وما يقابله فى إنجيل مرقس ( 8 : 28 ) ، وفى إنجيل متى (
    27 : 47-49 ) وما يقابله فى إنجيل مرقس ( 15 : 36.35 ) .
    ونرى تفسيراًلنبوة ملاخى فى إعلان الملاك لزكريا ( لو 1 : 17 ) بأن يوحنا
    المعمـدان سيعمل عمل إيليا ، وتأيد هذا بما قاله الرب يسوع نفسه ( مت 11 :
    14 ، مرقس 9 : 13 ) .
    وظهور إيليا وموسي على جبل التجلى ، نراه مدونا فى إنجيل متي (17 : 1-13 )
    ، وفى إنجيل مرقس ( 9 : 2-13 ) وفى إنجيل لوقا ( 9 : 28-36 ) . ويقول الرب
    يسوع إن إيليا المذكور فى ملاخى هو يوحنا المعمدان . ولاشك أن مصير جنود
    أخزيا كان فى ذهن يعقوب ويوحنا حينما أرادا أن تنزل نار من السماء فتفنيهم
    كما فعل إيليا أيضا ( لو 9 : 54 ) . ويشير المسيح نفسه إلى إيليا وذهابه
    إلى صرفة التى للصيدونيين ( لو 4 : 26.25 ) . ويذكر بولس ما حدث من النبي
    فى حـوريب ( رو 11 : 2-4 ) ، وفى رسالة يعقوب ، نرى فيما فعله إيليا ، قوة
    فاعلية صلاة البار .
    trank
    trank
    مشرف1
    مشرف1


    ذكر
    عدد الرسائل : 1873
    العمر : 35
    نقاط : 3764
    تاريخ التسجيل : 03/03/2009

    ايليا النبى Empty رد: ايليا النبى

    مُساهمة  trank الخميس أكتوبر 22, 2009 2:00 pm

    بجد موضوع رائع جدا ومنتظرين المزيد
    بنت الفادى المخلص
    بنت الفادى المخلص


    انثى
    عدد الرسائل : 908
    العمر : 34
    نقاط : 1348
    تاريخ التسجيل : 03/08/2009

    ايليا النبى Empty رد: ايليا النبى

    مُساهمة  بنت الفادى المخلص الجمعة أكتوبر 30, 2009 6:32 am

    ميرسى لمرورك ترانك

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 11:39 am