سؤال:
توجد قصتان فى سفر أعمال الرسل لظهور الرب لشاول الطرسوسى، يبدو بينهما
بعض التناقض، سواء من جهة الرؤية، أو من جهة السماع. نرجو التوضيح.•
الجواب:
وردت قصة ظهور الرب لشاول فى الإصحاح التاسع. وجاء فيها: "وأما الرجال
المسافرون معه فوقفوا صامتين، يسمعون الصوت، ولا ينظرون أحداً" (أع9 : 7).
كما وردت نفس القصة فى الإصحاح الثانى والعشرين. وفيه قال القديس بولس
"والذين كانوا معى، نظروا النور وارتعبوا. ولكنهم لم يسمعوا صوت الذى
كلمنى" (أع22 : 9). ومفتاح المشكلة هو أن الرجال المرافقين للقديس بولس
الرسول، لم يكونوا فى نفس الدرجة الروحية، التى بها يبصرون ما يبصره،
ويسمعون ما يسمعه. كما أن الرؤيا لم تكن لهم، وظهور الرب لم يكن لهم،
وحديث الرب لم يكن لهم، إنما المقصود بذلك كله شاول الطرسوسى وحده. ومع
ذلك ليس فى القصتين أى تناقض من جهة السماع أو الرؤيا، كما سنرى فى فحص
القصتين بتدقيق. ومن ذلك يتبين أن: الرجال المرافقون سمعوا صوت شاول يتكلم
مع الرب. ولكنهم لم يسمعوا صوت الرب الذى كان يكلمه. وإذا قرأنا العبارتين
بالتدقيق، نرى ما يؤيد هذا بلا تناقض: 1- يسمعون الصوت، ولا ينظرون أحداً.
2- نظروا النور، ولكنهم لم يسمعوا صوت الذى يكلمنى. الصوت الذى ورد فى
العبارة الأولى، هو صوت شاول، سمعوه يتكلم، دون أن يبصروا مع من كان
يتكلم. أما الصوت الذى لم يسمعوه فهو صوت الذى كان يكلمه... إذن لا تناقض
من جهة الصوت. وكان يمكن أن يوجد تناقض، لو قليل فى العبارة الأولى
"يسمعون صوت الذى يكلمنى" أو "يسمعون ما أسمعه". أما عبارة (الصوت) فقط،
فهى تعنى هنا صوت شاول. لأن مستوى أولئك الرجال هو أن يسمعوا صوت إنسان
وليس صوت الرب... كذلك من جهة الرؤية، نفس الوضع: لقد رأوا النور. ولم
يروا الشخص الذى يكلم شاول... وهذا واضح من أسلوب العبارتين فى تدقيق: 1-
ولا ينظرون أحداً (أع9 : 7). 2- نظروا النور وارتعبوا (أع22 : 9). إن
النور شىء، ووجه وشكل الشخص الذى يتكلم، شىء آخر.
(مقتطفات من كتب سنوات مع أسئلة الناس للبابا شنودة الثالث)
سؤال:
نقول إن المسيح ابن الله. فهل هو أصغر منه، لأن الابن عادة يكون أصغر من
الآب. وقد رأيت أيقونة فى كاتدرائية بالخارج. فيها صورة الآب بلحية بيضاء،
والابن بلحية سوداء.
الجواب:
أولاً: الأيقونة التى رأيتها فى الخارج، فيها أكثر من خطأ: أ- الخطأ الأول
هو تصوير الآب. بينما الإنجيل يقول "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد
الذى فى حضن الآب هو خبّر" (يو1: 1.
ولذلك لما أراد الآب أن نراه، رأيناه فى ابنه الظاهر فى الجسد (1تى3: 16).
وهكذا قال السيد المسيح "من رآنى فقد رأى الآب" (يو14: 9). ب- الخطأ
الثانى هو تصوير الآب بلحية بيضاء، والابن بلحية سوداء، مما يوحى بأن الآب
أكبر من الابن سناً. وهذا خطأ لاهوتى، لأنهما متساويان فى الأزلية. ولم
يحدث فى وقت من الأوقات أن الآب كان بغير الابن. فالابن اللوجوس Logos هو
عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل (الكلمة). وعقل الله كان فى الله منذ
الأزل، بلا فارق زمنى. ولهذا فإننى عندما رأيت هذه الصورة فى مشاهدتى
لكنائس الفاتيكان سنة 1973 – قلت للكاردينال الذى يرافقنى "هذه الصورة
أريوسية. ربما الفنان الذى رسمها كانت له موهبة فنية كبيرة. ولكن بغير
دراسة لاهوتية سليمة"... +++ ثانياً: الابن يكون أصغر من الآب فى الولادة
الجسدانية، ولكن ليس فى الفهم اللاهوتى. وممكن أن توجد ولادة طبيعية بغير
فارق زمنى. فمثلا الحرارة تولد من النار، بدون فارق زمنى. لأنه لا يمكن أن
توجد نار بدون حرارة تتولد منها. إنها ولادة طبيعية، لا نقول فيها إن
المولود أقل عمراً أو زمناً. +++ مثال آخر هو ولادة الشعاع من الشمس، بلا
فارق زمنى على الإطلاق. هذه هى خصائص الولادة الطبيعية، وهى غير الولادة
الجسدية الزمنية. إنها كولادة النبض من القلب، وولادة الفكر من العقل،
والقياس مع الفارق...
(مقتطفات من كتب سنوات مع أسئلة الناس للبابا شنودة الثالث)