الرفيقان: المحبة والخدمة
إن قال العبد: أحب سيدي .. فيخدمه إلى الأبد ( خر 21: 5 ، 6)
المحبة والخدمة صِنوان .. فالخدمة لا يمكن أن تنبع إلا من محبة مُخلصة، وبالطبع أقصد الخدمة الحقيقية. والمحبة لا يمكن إلا وأن تُنتج خدمة، وأيضًا أقصد المحبة الحقيقية. وليس من خادم ناجح مُثمر لمجد الله، إلا وقد أحب الرب أولاً، ومن ثم أحب مَنْ يخدمهم، فأثمر فيهم.
فالمحبة هي الإناء الذي تقدم فيه الخدمة لله؛ والمحبة هي المجرى الذي تسري فيه الخدمة للآخرين؛ فبالمحبة تحلو الخدمة للخادم والمخدوم، ولله من قبلهما!
إن المحبة هي المنبع الوحيد الذي منه يقبل الله الخدمة. فالله ليس في حاجة لمن ينجز له أعماله من بني البشر، فيكفيه «ملائكته المقتدرين قوة الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه» ( مز 103: 20 ). لكنه يتوق أن يرى مَنْ أحبهم يخدمونه، حُبًا فيه. تلك كانت رغبته تجاه شعبه قديمًا «فالآن يا إسرائيل؛ ماذا يطلب منك الرب إلهك إلا أن تتقي الرب إلهك لتسلك في كل طرقه، وتحبه، وتعبد (تخدم serve) الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك؟» ( تث 10: 12 ). ويقول عن آخرين في وقت لاحق «يقترنون بالرب ليخدموه وليحبوا اسم الرب ليكونوا له عبيدًا» ( إش 56: 6 ). فكم بالحري يتوقع منا وقد أعلن لنا كل ما في قلبه من محبة؟! إنه لا ينتظر خادمين، بل مُحبين يخدمون!
كذا فإن المحبة لا بد وأن تعبِّر عن نفسها بالخدمة. فإذا أخذنا ذلك العبد المتميز في الشريعة قديمًا، تلك الشريعة التي ما انطبقت إلا على الخادم الحقيقي: ربنا يسوع المسيح، فلنسمع ما يقول: «إن قال العبد: أحب سيدي وأمرأتي وأولادي» ماذا تكون النتيجة؟ «فيخدمه إلى الأبد» ( خر 21: 5 ، 6). وهكذا أيضًا لما التفت بولس حوله فأدرك أن المحبة تحصره، وجد نفسه مدفوعًا لأن يعيش لذلك الذي مات من أجله، ومن هنا نشأت دوافع الخدمة فيه ( 2كو 5: 14 -20).
وعن الخدمة ـ إن خَلَت من المحبة ـ يقول الرسول بولس: «وإن أطعمت كل أموالي، وإن سلّمت جسدي حتى أحترق (أعظم التضحيات والإنجازات) ولكن ليس لي محبة، فلا أنتفع شيئًا» ( 1كو 13: 3 ). إنها لن تنفع المخدوم، ولا حتى الخادم (لاحظ قوله «لا أنتفع»)، والله بالطبع لا ينظر إليها.