أسرة مارمينا للمعاهد بسوهاج

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اسرة مارمينا للمعاهد بسوهاج


2 مشترك

    رسالة افسس

    بنت الفادى المخلص
    بنت الفادى المخلص


    انثى
    عدد الرسائل : 908
    العمر : 34
    نقاط : 1348
    تاريخ التسجيل : 03/08/2009

    رسالة افسس Empty رسالة افسس

    مُساهمة  بنت الفادى المخلص الإثنين أكتوبر 05, 2009 7:36 am






    تفسير رسالة بولس الرسول


    إلى أهل أفسس


    د. مجدى اسحق




    مقدمة الرسالة :


    مدينة أفسس: هى عاصمة المقاطعة الرومانية آسيا – وكلمة
    أفسس باليونانية – تعنى "مرغوبة" اشتهرت بأنها ملتقى الطرق التجارية بين
    روما والشرق – واشتهرت كذلك بهيكلها العظيم لأرطاميس (إله القمر عند اليونان –
    تقابل ديانا عند الرومان ) (راجع أع 19: 24 – 28).



    كنيسة أفسس: أسسها الرسول بولس سنة 54 ب م فى نهاية
    رحلته التبشيرية الثانية، حيث كرز فى مجمعها، ثم ترك أكيلا وبريسكلا يكملان عمله
    (أع 18: 18 – 21).



    وإذ كان الرسول قد وعد أهل أفسس بأنه سوف يعود إليهم،
    عاد فعلاً فى خريف سنة 54 ب. م، فى رحلته التبشيرية الثالثة – وهناك وجد بعض
    التلاميذ لم يقبلوا سوى معمودية يوحنا فقط، فبشرهم وعمدهم، وإذ وضع يديه عليهم حل
    الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بألسنة (أع 19: 1 – 6).



    وظل بولس هناك يعظ فى مجمع اليهود حوالى ثلاثة أشهر،
    ولما قاومه اليهود أعتزل وأخذ يعظ فى مدرسة إنسان أسمه تيراتس لمدة سنتين (أع 19:
    8 – 12).






    وتوالت الأحداث:


    1- فقبل كثير من اليهود والأمم من الساكنين فى آسيا كلمة
    الله.



    2- انتشرت الكرازة فى آسيا.


    3- صنع الله على يدى بولس قوات غير عادية.


    4- ازدهر الإيمان حتى أن السحرة أحرقوا كتباً تقدر بخمسين
    ألف من الفضة أمام الجميع.



    5- ثار عليه صناع الفضة (الذين يصنعون الآلهة) إذ جعلت
    كرازة الرسول صناعة الآلهة تنهار.



    6- تأسست كنيسة عظيمة لها قسوسها (أع 20)، وجه أليهم
    الرسول أجمل خطاب وداعى – وهو فصل مشهور نقرأه فى الكنيسة. ومن ميليتس أرسل إلى
    أفسس وأستدعى قسوس الكنيسة (أع 20: 17 – 38).






    الرسالة إلى أفسس:


    كتبها الرسول بولس وهو فى سجن روما سنة 62 بم (راجع أف 3:
    1، 6: 20) حين أذن له فى أن يسكن بيتاً أستأجره لنفسه مدة سنتين (أع 28: 30).






    معلومات أخرى عن أفسس:


    1- هى أحدى الكنائس السبع التى وجهت إليها رسائل فى سفر الرؤيا.
    (رؤ 2: 1 – 7).



    2- أنعقد فيها المجمع المسكونى الثالث بسبب نسطور بطريرك
    القسطنطينية سنة 431 م.






    أقسام
    الرسالة:



    يمكننا تقسيم الرسالة
    دراسياً كالآتى :



    القسم التعليمى: ص 1 –
    3 وهو يتحدث عن خطة الله لتأسيس الكنيسة الواحدة.



    القسم التطبيقى: ص 4 –
    6 وهو يتحدث عن عمل الكنيسة وسماتها وجهادها.






    الأصحاح
    الأول:



    أول ما يلفت أنظارنا فى هذا الإصحاح هو الخطة الإلهية والتدبير
    السماوى الغنى الذى أعطى للإنسان ! وهذه الخطة شملت الخطوات التالية :



    1- الفداء وغفران الخطايا (أع 7 ) فلم يكن ممكناً
    للإنسان أن يعود إلى حضن الآب بدون الكفارة وبدون الخروف المذبوح الذى أعاد الصلة
    بين الإنسان والله.






    2- النبوة (ع 5 ) فلم يكن القصد هو عودة علاقة من نوع
    عادى – ولكن بنوة حقيقية بكل ما تحمل هذه الكلمة من غنى وملكية متبادلة (عيننا
    للتبنى لنفسه ) وحب وطمأنينة وسعادة ).






    3- القداسة (قديسين وبلا لوم (ع 4) فهذه البنوة تجعلنى
    "مختلف" (معنى كلمة قديس فى الأصل اليونانى
    Hagios
    أجيوس تعنى مختلف أو منفصل) مختلف عن ماضى حياتى، مختلف عن المحيطين بى لأننى أتحدث
    بحب حقيقى جعلنى أحيا له (فقد ارتبطت كلمة القداسة بالمحبة – قديسين وبلا لوم
    قدامه فى المحبة – ما معناه أن القداسة ثمرة حب وليست افتعالات بشرية).






    4- الكنيسة (ع 10) فعمل المسيح ليس لأفراد منفصلة يتمتع
    كل واحد على حدة بفرحة، ولكنه عمل جماعى، تذوب فيه الفردية لتظهر فيه الجماعة
    المتحدة بالمسيح.






    5- المجد (ع 14) نلنا عربونه هنا بالروح القدس. تمهيداً
    للتمتع الكامل به فى السماء وأن كان بولس قد أستعرض خطة الله للإنسان – إلا أنه
    أراد لكل واحد أن يعلم أن له مكاناً فى هذه الخطة.. ولذلك أفراد الجزء الثانى من
    الإصحاح يصلى لله ليعطى لهم عيون مستنيرة بالروح، تدرك عظمة هذا الغنى... وتدرك ما
    أعده الله لكل واحد...



    أيها المحبوب


    قد تقرأ هذا الكلام وقد تفكر: أنا أعلم هذا – أعلم أن
    الله يحب الإنسان واعد خطة محكمة لخلاصه ولكنك قد لا تعرف هذا وهناك فرق بين
    الكلمتين ... فالمعرفة فى الكتاب المقدس مقصود بها الاختبار والتذوق، والتلامس الحقيقى.
    العلم يقف على حدود الذهن، أما المعرفة فهى خبرة حقيقية للنفس. وتقابل إيمانى مع
    شخص المسيح.



    لذلك أحتاج أنا وأنت – إلى روح الحكمة والإعلان فى معرفة
    الله (ع 17) تحتاج أن يعلن الله لك عن ذاته بروحه قد تحاول أن تعرف الله... وسوف
    تجد الطريق شاق وطويل.. أما إذا طلبت منه أن يعلن لك عما فعله لأجلك، عن حبه لك،
    عن المركز الذى أعده لك فى المسيح، عن المجد المعد لك فى الأبدية والميراث الذى
    يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، إذا طلبت بثقة فسوف يعلن لك... سوف تعرفه وقوة قيامته
    وشركة آلامه سوف تنتقل من التساؤلات إلى التعاملات، ومن الحيرة إلى الخبرة.
    عزيزى أدعوك اليوم مع بولس أن تطلب من الله أن يعرفك نفسه قد يقول لك كثيرون عنه،
    ولكن ما أعظم أن يقول هو بنفسه لك شيئاً ... سوف يسمعك همساته فى صلاة هادئة ن أو
    فى إنجيل مفتوح، أو فى سلام ينسكب فى قلبك أو بطريقة لا أعرفها ... فقط قد يشتاق
    أن يكلمك وينتظر منك أن تطلب ذلك.






    الأصحاح
    الثانى والثالث:



    الحياة بدون المسيح (1ف 12:2)


    لقد صدر حكم على الإنسان يوم أن سقط، "يوم تأكل
    منها موتا تموت" (تك 17:2) ولقد أكد الكتاب المقدس حكم الله على الخاطئ
    بالموت ( راجع حزقيال 4:18 – رو 23:6 – يع 15:1).



    ولكن الكتاب ذكر لنا أن آدم عاش 930 سنه (تك 5:5) – فهل
    تأجل تنفيذ حكم الموت أم ماذا؟



    فى الحقيقة, وأن كان حكم الموت على الإنسان يعنى الموت الجسدى,
    إلا انه يعنى معانى أعمق, قصدها بولس حين كلم أهل أفسس وقال:" وانتم إذ كنتم أمواتا
    بالذنوب والخطايا (أف 1:2) وقصدها الرب يسوع حين كلم ملاك كنيسة ساردس فقال
    "لك اسما انك حى وأنت ميت"(رؤ 1:3)، ومن هذه المعانى.



    1- الخطية تقتل النفس: فحينما يهوى الجسد تهوى معه النفس,
    ويفقد الإنسان إنسانيته, ويشبه الحيوان لأن "الإنسان فى كرامة ولا يفهم يشبه البهائم
    التى تباد" (مز 20:49).






    2- الخطية تقتل الإرادة: فقد ينغمس الإنسان فى لذة محرمة
    لأنه يرغب فى ذلك, إلا انه فى النهاية يفعلها لأنه يستطيع أن لا يفعلها – وهكذا الإنسان
    الباحث عن الحرية بعيدا عن وصايا الله, أصبح عبدا لشهوته, إذ فقد حرية إرادته.






    3- الخطية تقتل السعادة: فالحزن أول علامات الخطية, وهو
    العقاب الفورى لكل تعد أو معصية فى النفس وعلى النقيض فالفرح الإلهى هو المكافأة
    الفورية على كل طاعة وخضوع, مهما صاحب هذه الطاعة من تغصب وآلام الحرمان الوقتية
    " من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ( الطاعة ) (عب 2:12).






    4- الخطية تقتل العلاقات: فإن كانت الوداعة تجعل الإنسان
    يرث الأرض (مت 5:5) أى يكسب الآخرين, فإن الخطية – لكونها تمركز الإنسان حول ذاته
    – تجعل الكل ينفر من صاحبها – وما أبشع ان يحيا الإنسان بلا حب من الآخرين...






    5- وأخيرا الخطية تقتل الروح: فالله لا يطيقها, وان كان
    يحب الخاطئ – والخطية تميت الروح إذ تفصلها عن الله "بل آثامكم صارت فاصلة
    بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع" ( أش 2:59).



    وهذا هو أخطر ما فى
    الموضوع .. أن أحيا بدون الله "إنكم كنتم فى ذلك الوقت بدون مسيح, أجنبيين عن
    رعوية إسرائيل وغرباء عن عهود الموعد لا رجاء لكم وبلا إله فى العالم" (أف
    12:2).
    عزيزى .. ما أخطر الحياة بدون الله – إنها حياة بلا رجاء لأنها سوف تنتهى..
    بالفناء – قد تحقق آمال عريضة – ولكنك دائما تصطدم بالحقيقة: أنا لن استمر للأبد
    .. فالله هو الذى يعطى للحياة بعدها اللانهائى, وهو الذى يمنح روحك اللانهائية
    شبعها غير المحدود..






    ولكن ماذا يفعل الإنسان
    أمام سطوة الخطية, وسلطانها..



    هنا يقدم الرسول بولس
    الحل بكل بساطة: "الله" ( أف4:2) كان يجب أن يتدخل الله لينقذ الإنسان
    من الهلاك وتطلب ذلك:



    أ- غنى الرحمة (ع4): كان يجب أن يصدر قرار بالعفو عن الإنسان.





    ب- كثرة المحبة (ع 4):
    وذلك لأنه يحبه بلا حدود.






    ج- قوة الحياة والقيامة
    (ع 5و6): لذلك قرر أن يموت ليمنح الحياة لنا.






    د - غنى النعمة (ع 7): وكل هذا مجانا – عطية – علامة
    الحب ( الحب الذى يعطى بلا مقابل) ودليل قوة الله ( فلا فضل للإنسان أو لقوته ..
    ليس من أعمال كيلا – يفتخر احد ع9) ومصدر دينونة ( فلم يعد هناك عذر لكل من يتحجج
    بالضعف البشرى – فلقد أعطى الله للإنسان قوته وليس له فيما بعد أى عذر لعدم
    الأثمار وعدم القداسة).



    أما اخطر ما فى الموضوع – هو أن الله أعطى هذه العطية
    لكل الناس .. ليس لليهود فقط بل للأمم أيضا – يكفيك عزيزى أن تعلم انه لولا هذا
    الأمر ما صرت مسيحيا (فأنا وأنت من الأمم).



    هذا الأمر بالنسبة لليهودى لا يصدق .. فالله لليهود فقط
    .. هذا بديهى ولا يحتاج لمناقشة فى الفكر اليهودى فالأممى وجد لكى يخدم اليهودى ..
    أما وأن يفتح الله أحضانه للأمم فقد كان هذا إعلانا متميزاً وسرا احتاج أن يظهر
    للرسول ( أف 3:2).



    أيها الحبيب نعمة الله بالكامل قد أعطيت لك –
    فالقارئ للرسالة يندهش.



    لماذا أعطى الله الإنسان نعمته رغم عدم استحقاقه..
    لكن هذا سر.. بعد القصف الذى تعرضت له انجلترا خلال الحرب العالمية الثانية نقلت
    فتاة لاجئة إلى أمريكا وسكنت مع إحدى العائلات. وعندما وضعت ربه البيت كأس حليب أمام
    الفتاة سألت هذه "إلى أى عمق أستطيع أن اشرب" – فهى لم تكن واثقة من أن
    كل ما فى الكأس لها ونحن إلى أى عمق من النعمة كلها لنا نعم يقول الله "خذ
    قدر ما تشاء وادفع الثمن" – وكيف يكون الدفع ليس بصلاحنا بل بشرنا وامتناننا
    – ليس استحقاقنا بل استعدادنا.



    هناك حقيقة أخيرة – الأيمان (أف 8:2 لأنكم بالنعمة
    مخلصون وذلك ليس منكم هو عطية الله – (واف 17:3) ليحل المسيح بالأيمان فى قلوبكم.
    ولكن رب سائل يقول: ليس عندي إيمان..



    لكن – عزيزى – الأيمان محفور فى قلبك..


    فأنت تؤمن بالكهرباء رغم انك لا تراها لأنك ترى النور
    المنبثق منها, و أنت تؤمن بالجراثيم رغم أنها لا ترى, لأنك تعرف آثارها الضارة على
    الجسم البشرى.. وهكذا النعمة أنت تؤمن بها لأنك رأيت عطية المسيح على الصليب..



    ولكن الرؤية هنا رؤية باطنية قلبية ( مستنيرة عيون أذهانكم
    – أف 18:1)- وهكذا يتحقق كلام الله. إن كل من يرى الابن ( الرؤيا الداخلية – ان
    يعلن الله لى عن ذاته )ويؤمن به (الأيمان حركة تابعة للرؤية )تكون له حياة أبدية
    (يو 40:6).



    أما كيف أرى الله داخلى
    لكن أؤمن به فهذا مالا أستطيع أن افعله أنا ولا أنت يحتاج أن يفعله الله – وهذا هو
    دور الركب المنحنية ( أف 14:3) دور الصلاة الواعية, الصلاة المنفتحة, الصلاة
    الصادقة المخلصة..






    نأتى إلى القسم العملى
    فى الرسالة (ص 4 ، 5 ، 6 ).



    فى هذه الأصحاحات يتكلم الرسول عن حقيقتين أساسيتين:
    سمات الإنسان المسيحى, وسمات الكنيسة المسيحية.



    ونلاحظ أن الرسول دمج الحقيقتين بصورة متميزة: فقد بدأ
    بالحديث عن سمات الإنسان ( الفرد) ( ص 3-1:4) ثم انتقل للحديث عن الكنيسة ( ص 16-
    4:4) وعاد للحديث عن الفرد مرة أخرى ( ص 17:4 ص 23:5) ثم تحدث عن الكنيسة مرة أخرى
    ( ص 24:5-33) ثم أكمل حديثة عن الفرد (ص 6).






    وفى هذا التسلسل الفكرى الذى للرسول بولس مغزى رائع:


    فالأصل فى الخلقة كان الفرد (آدم). ولكن الله لم يجد فى
    وحدة آدم استحساناً "ليس جيداً ان يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره"
    ( تك 18:2) ورغم أن الله " رأى كل ما عمله فإذا هو حسن جداً" (تك 31:1)
    إلا أن الشئ الواحد الذى لم يكن حسن – بحسب وصف الكتاب – كان وحدة آدم فما كان من
    الله إلا أن أرفع سباتاً على آدم فناء: وخلق له حواء – وهكذا تكونت أول كنيسة
    (جماعة) فى التاريخ – (كنيسة = اككليسيا = جماعة) ولذلك نجد الرسول بإرشاد الروح –
    يستخدم هذه القصة ( قصة آدم وحواء ) كتشبيه عن الكنيسة فيقول " لأننا أعضاء
    جسمه من لحمه وعظامه ( كما كانت حواء من آدم )من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه
    ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً. هذا السر عظيم ولكننى أقول من نحو
    المسيح والكنيسة (أف 30:5-32).



    وقيمة هذا الكلام فى غاية الأهمية: فالله أراد أن يقضى
    على ذاتية الإنسان وجعل قيمته من خلال دوره فى الجماعة.



    ولكن هل معنى هذا أن يذوب الفرد فى الجماعة, ويفقد هويته
    وتميزه وفرادته ؟! هذا غير مقبول طبعاً..



    لذلك وجدت هذا الاتزان الحكيم فى حديث الرسول: فهو يؤكد
    على أهمية تأسيس الفرد على حق الإنجيل, وأهمية تمثله بالمسيح وتشبهه به.



    وفى الوقت نفسه يؤكد على أهمية الكنيسة التى تشكل الهدف
    النهائى لله "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شئ فى المسيح ما فى السموات وما
    على الأرض فى ذاك" (أف 10:1).



    ولذلك نحن فى كنيستنا الأرثوذكسية نفهم هاتين الحقيقتين
    كما شرحهما الإنجيل: فالفرد له أهميته الأولى كما كان فى نظر الله الذى يترك
    التسعة والتسعين باراَ ويبحث عن الفرد الواحد حتى يجده, فأفردت الكنيسة له سر
    التوبة والاعتراف كتعبير عن احترام الفرد وتقديره وإعطائه حقه الإلهى, ومنحه وقتاً
    خاصاً كتعبير عن اهتمام الله به هو شخصياً.



    والكنيسة (الجماعة ) لها أهميتها الأولى وكذلك : فلا
    وجود للفرد خارج الكنيسة, و لا خلاص إلا من خلال الكنيسة " وكان الرب كل يوم
    يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع 47:2) – ونحن نقول ذلك لا عن تعصب ولكن عن
    إدراك حتى لفكر المسيح, وفكر الكتاب حول هذا الموضوع.






    سمات الكنيسة المسيحية:


    أولاً: إنها واحدة (أف4:4): فالانقسام ضد المحبة – لذلك
    كانت وصية الرسول أن تجتهد لنحفظ هذه الوحدانية – وهى ليست وحدانية فى الأفكار
    لأنه ما أصعب أن نتفق الأفكار – ولكنها وحدانية فى الروح أى فى المحبة لأن روح
    الله هو محبة – والمحبة تجعلنى مستعد لأن أقبل إخوتى مهما اختلفوا معى فكرياً.



    نرى ماذا يحدث فى كنائسنا اليوم: أليست انقسامات وتحريات
    اسمع معى عزيزى القارئ قول الرسول "فإنه إذ فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم
    جسدين وتسلكون بحسب الشر" 0اكو 3:3).



    الكنيسة مجتمع يسود عليه الله بمحبته – فماذا يكون الوضع
    لو سادت عليه مبادئ الشر وأفكارهم, واتجاهاتهم – البشر دائماَ يتنازعون – أما
    الروحانيون فلا يوجد ما يتخاصمون لأجله لأنهم أبناء الله صانع السلام.



    عزيزى:كيف تحيا كعضو فى كنيستك: هل محبة الله تسود على
    قلبك وتقودك للوحدة مع إخوتك, وتجعلك تتنازل عن كرامتك وعن ذاتيتك لتقبل الكل
    وتسعد الكل – أم هل تتمسك بآرائك وأفكارك مهما تمزقت الوحدة وانفصل جسد المسيح؟ من
    أكثر أهميته: صحة الآراء أم تماسك الجسد!!



    إن إبليس نجح – أكثر ما نجح فى تفتيت وحدة الكنيسة.


    فلم يكتف بتقسيم الكنيسة إلى طوائف ومذاهب, بل قسم
    الكنائس المحلية على بعضها: الخدام انقسموا ضد بعض وكذلك الشعب, وأصبحت الصورة
    العامة للكنيسة مؤسفة.



    ولكن متى تعود الوحدة لتربط الكل ببعض – متى نقبل بعضنا
    بعضاَ كما قبلنا الله لنفسه (رو 7:15)- متى يفرح قلب الله بالوحدة الكاملة "
    وأنا قد أعطيتهم المجد الذى أعطيتنى ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد " (يو
    22:17) إن مجد الكنيسة فى وحدتها.



    كلمة أخيرة أود أن أقولها: لنعظ ونأخذ من مملكة إبليس
    مثلاً إن كان لنا أن نخجل, فلنخجل لأن مملكة إبليس غير منقسمة ( فإن كان الشيطان
    أيضاً ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته ( لو 18:11) ومملكة المسيح منقسمة ولنسعى
    جميعاً نحو وحدة المحبة التى مات المسيح وقام لأجلها.






    ثانياً: التكامل: "وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً
    والبعض أبناء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة
    لبنيان حسد المسيح" (أف 11:4- 12).
    الكنيسة لأنها جماعة – تحتاج لتكامل أعضائها كل عضو يكمل مالا يستطيع العضو الأخر
    فعله.

    وما أكثر الكنائس الفاقدة لهذه السمة الأساسية: حينما يسيطر واحدا على كل النشاطات
    ويرفض إعطاء أى دور لأى عضو – مثل هذه الكنائس لا تنجح – وإن حققت نجاحاً سرعان ما
    يذوب بسبب انصراف الكل عن العمل فمثل هذه الروح تقتل الخدمة. وطوبى للخادم الذى
    يدرك احتياج الكنيسة لكل عضو – طوبى للقائد الذى يعطيه الله روح الحكمة والتمييز
    ليوزع الأدوار على الأعضاء بحسب قامتهم وقدرتهم اذكر عزيزى الخادم ما قال الرسول
    بولس" ألعل الجميع رسل ألعل الجميع أنبياء – ألعل الجميع معلمون – ألعل
    الجميع أصحاب قوات" (اكو 29:12) وأذكر ما فعله الرسل حينما احتاجوا لخدمة الموائد,
    أنهم انتخبوا الرجال القادرين على إتمام مثل هذه الخدمة, ولم يستأثروا بها لأنفسهم.(أع
    1:6-6) وكانت النتيجة "وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جداً فى
    أورشليم" (أع7:6).






    ثالثاً: النمو: "العمل الخدمة لبنيان جسد
    المسيح" (أف 12:4)- " بل صادقين فى المحبة لنمو فى كل شئ إلى
    ذاك"(أف 15:4)- "يحتمل نمو الجسد لبنيانه فى المحبة"(أف 16:4).



    النمو سمة لحياة: فالطفل الذى لا ينمو يجب أن يتعرض
    للفحص الكامل لئلا يمرض ويموت والشجرة التى لا تنمو تحتاج علاج لئلا تذبل وتقطع.






    والكنيسة التى لا تنمو ولا تتقدم يجب أن توضع أمامها
    علامات الاستفهام "هوذا ثلاث سنين آتى أطلب ثمراً فى هذه التينة ولم أجد
    أقطعها لماذا نبطل الأرض أيضاً" لقد لعن المسيح التينة التى لم يكن فيها ثمر(
    مت 18:21-20, مر 12:11-14) وكان هذا إشارة لرفض الأمة الإسرائيلية التى لم تخرج
    ثمراً- فالكنيسة غير النامية وغير المثمرة تتعرض للرفض "فاذكر من أين سقط وتب
    واعمل الأعمال الأولى وإلا فإنى أتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب"(
    رؤ5:2).



    ونمو الكنيسة يبدأ بنمو الأفراد.. عزيزى: ربما تنظر
    لكنيستك فنجدها غيرة مثمرة أو غير تائبة.
    العلاج فى يدك: ابدأ بنفسك وسينظر الله لتوبتك ويقبلها وسيحدث نهضة فى كنيستك
    بسببك.
    فى القديم, قال الله أنه سيرحم سدوم و عمورة لو وجد فيها عشرة أبرار (تك 32:18)-
    عزيزى ابدأ بنفسك وتب و أعط المسيح ثماراً مفرحة, فربما تكون أنت أول هؤلاء العشرة
    الذين سيرحم الله بسببهم الكنيسة بل والعالم كله..






    الأصحاح الرابع، الخامس،
    السادس



    1- الجانب الموروث


    يسمى الطبع Temperament – وهو ينتقل من الآباء للأبناء بالوراثة – وبسببه
    نجد بعض من الناس هادئ و منطوى, والبعض الآخر عصبى و مندفع – بسببه نجد البعض يميل
    إلى المرح والآخر إلى التشاؤم ومن خلال الوراثة انتقلت كذلك طبيعة الخطية للإنسان,
    هذه الطبيعة التى تميل للإثم وتشتهيه و التى أسماها الرسول بولس" الإنسان
    العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور"(أف 22:4)- وهذه الطبيعة بعينها التى قال
    عنها داود "هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بى أمى" (مز 5:51).






    2- الجانب المكتسب: ويسمى الخلق Character – وهو نتيجة للبيئة التى ينشأ فيها الإنسان وللتربية والمجتمع
    والخبرات السابقة.



    وأهم
    ما يميز هذا الجانب, هو ( العادة
    habit), والعادة فى التعريف هى (
    استعداد مكتسب فى الإنسان لتكرار نفس الأفعال ) – وتربط العادة فى النفس البشرية
    بشيئين: التكرار والإرادة.



    أ‌-
    التكرار: فكما قال أرسطو العادة بنت التكرار – وربما يتم اكتساب العادة من أول
    مرة, ويكون التكرار فى هذه الحالة ليس ضرورياً للاكتساب, إنما ضرورى لتقوية
    العامدة وتسهيلها – ولذلك قال" لينبز" (كل فعل هو بداية عادة).






    ب-
    الإرادة والرغبة: فقد تأكدت حقيقة الرغبة والانتباه والاهتمام فى اكتساب العادة.
    والدليل على ذلك أن فعلاً واحداً تتقبله النفس باهتمام وعزيمة وانتباه, قد يكفى فى
    تكوين عادة تبقى مدى الحياة: مثال ذلك أن بعض الناس يحفظ قطعة شعرية بعد قراءتها
    مرة واحدة, وبعضهم يتقن استعمال بعض الآلات أو لعبة من الألعاب بعد المرة الأولى-
    وكذلك قد يتعود الإنسان على شرب السجائر أو الخمر من المرة الأولى.



    ومن
    خلال العادة تنتقل كذلك الخطية إلى نفس الإنسان: فيها يكتسب الإنسان عادات المجتمع
    والبيئة التى يحيا فيها, فينشأ على الخطأ بطريقتين: الوراثة والعادة. ولكى يتغير
    الإنسان يحتاج إلى فعلين أساسيين قدمهما الرسول بولس فى هذه الإصحاحات.






    أولاً: تغيير الجانب
    الموروث:



    وهذا ما أسماه
    " وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله فى البر وقداسة الحق" (أف
    24:4). وهذا ما قال عنه المسيح "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى
    ملكوت الله" (يو3:3).



    وهذه الطبيعة الجديدة
    ننالها بالمعمودية – وتنمو وتزدهر فينا بالإيمان: الإيمان بإمكانية الله المولودة
    فيك, الإيمان بسكنى المسيح فى القلب, الإيمان بحضور الله بمجده فى الداخل بميراث الملكوت,
    ميراث الحياة الجديدة الذى ينقل الإنسان الفاسد إلى بنوة الله.






    ثانياً: تغيير الجانب
    المكتسب:



    وهذا هو دور الإنسان الإيجابى
    فى اكتساب العادات الروحية – وهذا ما أراد الرسول توضيحه حينما استخدم مثل هذه التعبيرات:



    "اطرحوا
    عنكم"( أف 25:4) "لا تعطوا إبليس مكاناً"(أف 27:4) "لا تخرج
    كلمة ردية"(أف 29:4) "كونوا لطفاء- كونوا متمثلين بالله- اسلكوا كأولاد
    نور – لا تشتركوا فى أعملا الظلمة – مفتقدين الوقت – شاكرين على كل حال – خاضعين
    بعضكم لبعض".



    فهنا يظهر الدور
    الإيجابى للإنسان فى اقتناء العادات الجديدة وهذا يحتاج كما قلنا للتكرار (وما
    يلزمه من صبر ومثابرة وجهاد وأمانة).



    وللإرادة ( وما يتطلبه
    ذلك من صدق ووفاء وإخلاص ووضوح الهدف) والتكرار والإرادة ينبغى أن ينطلق من النعمة
    – فهما ليسا جانبا بشرياًَ يعتمد على المحاولات الفردية المستقلة, ولكن هذه
    المحاولات مستندة فى الإنسان كما سبق وقلنا.






    أيها المحبوب: إن
    انتقالك من صورة الجسد إلى صورة الروح لها جانبان: الجانب الإلهى: وهذا تقبله بالإيمان,
    الجانب البشرى: وهذا تمارسه بالجهاد.



    الإيمان ينقل لك مفاعيل
    الطبيعة الجديدة, والجهاد يستثمر هذه العطية ويحافظ عليه ترى ماذا ينقصك؟ وماذا
    فعلت لتكون على صورة المسيح



    كلمة أخيرة أهمس بها فى
    أذنك: إن صورة المسيح وسماته المنعكسة عليك ليست لون من ألوان"
    الكماليات" أو "الزينة" التى ينبغى أن تقتنيها – لكنها ضرورة...






    1- ضرورة لخلاصك: لأن
    غياب سمات المسيح من حياتك يعنى غياب المسيح نفسه فكل إناء ينضح بما فيه, وكل شجرة
    تثمر بحسب أصلها.






    2- ضرورة لخدمتك:
    فالناس لا ينتظروا منك كلاماً بل فعلاَ – وأصدق دليل على حقيقة المسيحية هى سمات
    الله فى المؤمنين: لا يوجد منظر أعظم من إنسان متضع كما قال أحد الآباء ’ ولا توجد
    عظة أقوى من حب مبذول’ وليوجد درس كتاب أعمق من سلام النفس وسط الخطر.



    إن النفوس لا تتغير
    بالكلام, بل بالخبرة المعاشة, لقد تعلمنا الصلاة من الأنبا بولا رغم أنه لم يقل
    عظة واحدة عن أهمية الصلاة ومواعيد الصلاة, وفاعلية الصلاة.. ولقد صدقنا أن المسيح
    أحبنا ليس لأنه قال هكذا فقط, بل لأنه عاش ما قال, وأظهر لنا بالصليب عمق حبه.






    هل يكون هذا اليوم بدء
    عهد الحياة, ونهاية أزمنة الكلمات..






    trank
    trank
    مشرف1
    مشرف1


    ذكر
    عدد الرسائل : 1873
    العمر : 35
    نقاط : 3764
    تاريخ التسجيل : 03/03/2009

    رسالة افسس Empty رد: رسالة افسس

    مُساهمة  trank الأربعاء أكتوبر 07, 2009 3:56 pm

    موضوع اكثر من رائع
    بنت الفادى المخلص
    بنت الفادى المخلص


    انثى
    عدد الرسائل : 908
    العمر : 34
    نقاط : 1348
    تاريخ التسجيل : 03/08/2009

    رسالة افسس Empty رد: رسالة افسس

    مُساهمة  بنت الفادى المخلص الأحد أكتوبر 11, 2009 1:55 am

    ميرسى لمرورك يا ترانك يارب الموضوع يكون سبب بركة للجميع

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 5:53 am